الأربعاء، 2 مايو 2012

في إنطلاقة إتحاد الشباب، له وعنه


ملاحظة هامة: لا يعبر هذا المقال بأي شكل من الأشكال عن موقف رسمي للإتحاد وإنما يعبر عن وجهة نظري الشخصية.

في بداية التفكير و العمل على إعادة إحياء إتحاد الشباب الديمقراطي الأردني، إتصل بي رفيقان لطالما إشتركت وإياهم في مسيرة العمل السياسي العام، ولطالما إتفقنا، ولطاالما إختلفنا، إلى أن تبعثرنا كل في مشروعه، وبالنسبة لي بدأت بالتفرغ لإعطاء مساحة أوسع للبحث والكتابة ولا سيما بعد إستقالتي من الحزب الشيوعي إبان مؤتمره الأخير مباشرة، وفي مقابلة صحفية إبان تلك الإستقالة سؤلت إن كنت أنوي الإلتحاق في صفوف أي تنظيم آخر، في حينها قلت أني سأفعل ذلك تحت ظرف واحد فقط: مجموعة شبابية صادقة، تخوض تجربتها الخاصة، تقود نفسها بنفسها، هي العقل والذراع، الفكرة والممارسة، وهي الحركة والتنظيم. وهذا هو بالضبط إتحاد الشباب الديمقراطي في شكله اليوم، فقد شارك جميع أعضاء الإتحاد في حوارات موسعة ومطولة ومعمقة في أدبيات نظرية وفكرية وسياسية أودت في النهاية إلى أن يضع الإتحاد عقله وقلبه في صالح الفكرة المركزية المتمثلة في الصراع الطبقي كأساس، كانت هذه الحورات تخاض بعقل مفتوح على مهب الأفكار، كانت تخاض بمنطق جريء وصادم لأي متفرج من الخارج. حين قرر الإتحاد البدء يتنظيم نفسه كانت قيادته جماعية خالية من أمراض الموقع والمسمى، وحين قرر البدء بالفعل المباشر دعا إلى مهرجان الأول من أيار، وكان الإختيار لهذا التاريخ ولهذه الذكرى مقصوداً ومتعمداً، كانت رسالة واضحة أراد الإتحاد إيصالها إلى الجميع : "نحن ننطلق أساساً من التحليل الطبقي للمجتمع، وإنحيازنا واضح لحساب الفقراء ولحساب الطبقة العاملة التي ظلمت في معمعان الخلافات السياسية القشرية".

إنطلاقة إتحاد الشباب تزامنت مع إطلاق مجموعة من الإشاعات حوله، وهذا بالتأكيد متوقع في الوقت الذي تنطلق فيه مجموعة شبابية مستقلة وبكل جرأة تضع يدها على الجرح مباشرةً، وتحلل الواقع السياسي والإجتماعي إلى عناصره الأولية. ومن جملة هذه الإتهامات ما يلي:

وجود حالة من الإستقطابات لصالح جهة أخرى، إستقطاب لصالح تجمع الشيوعيين الأردنيين ، وإستقطاب لصالح حزب التحرر الوطني والإجتماعي ، وإستقطاب لصالح منتدى الفكر الإشتراكي، وإستقطاب لصالح الرابطة، ....إلخ.

في الحقيقة، من كل هذه الجهات يوجد شباب مشاركون في مشروع الإتحاد، ولكن "الغريب" في المسألة أنه لا يوجد حالات إستقطابية. ولكي نزيدكم من الشعر بيتاً، لم يقدم أياً من الجهات المذكورة أعلاه أية مساهمة ولو بحرف واحد في صياغة الأوراق الأساسية التي ناقشها الإتحاد، الصياغة الأساسية كاملة قام بها شباب الإتحاد أنفسهم، وهم أنفسهم من خاض الحوارات بعقل مفتوح لمدار الأفكار، وهم أنفسهم من قرر أين يكمن الإستراتيجي في هذه المرحلة وأين يكمن التكتيتكي، وهم أنفسهم من إبتكر شكلاً لتنظيم المجموعة، وهم أنفسهم من إبتكر أدوات للتنسيق والمتابعة. هذا ما كنت أعنيه في بداية الحديث،"الشباب هم العقل والذراع"، هذه هي بالضبط الكينونة المستقلة التي يعمل شباب الإتحاد على الحفاظ عليها، والتي يحافظ من خلالها على مسافة ثابتة من الجميع، بإختصار لأنه يمتلك موقفاً خاصاً، ويمتلك القدرة على إنتاج المواقف والتنظير لها وترجمتها إلى فعل كذلك.

الإشاعة الثانية تتمثل في موقف الإتحاد من القضية الفلسطينية والكيان الصهيوني، لا يختلف إثنان في الإتحاد على أن الكيان الصهيوني هو ذراع الإمبريالية والرأسمالية في المنطقة، أنه ذراع الإستعمار الإستيطاني المباشر وذراع الإستعمار غير المباشر كذلك. لم يصدر الإتحاد موقفاً رسمياً بهذا الخصوص، ولكنني أستطيع أن أتلمس موقفاً عاماً يرفض الكيان الصهيوني برمته، ويرى أولوية في تفتيته، ويقاطع المؤسسات المتصهينة التي ينتجها.

ما أود أن أقوله أن هذا الإتحاد إنطلق بإتجاه فكرة، ولن يلتفت أبداً إلى هوامشها الضيقة، لن يدخل في حالة من الجدل الأعمى والنقاش غير المثري، ولن يدخل في حالات المنافسة التي تشبه إلى حد كبير منطق الشركات في السوق المفتوح، نحن نجادل الفكرة ذاتها، وننبش في الواقع نفسه، هذا الإتحاد له مجموعة من المبادىء التي لا يساوم عليها، ولن يتساهل في تنفيذها والدفاع عنها.

في النهاية يجب أن أقول أن مهمة الإتحاد حالها حال المهمات الأخرى، مفتوحة على العديد من الإحتمالات، الفشل أو النجاح. بالنسبة لي، قررت أن أدفع بأسباب النجاح وليس العكس...