الخميس، 7 يونيو 2012

ربيع للإخوان أم ربيع للإنسان العربي

قد يتساءل القارئ لماذا نهاجم خيار الاسلاميين كبديل للسلطة؟ وإن كانت صتاديق الإقتراع "الديمقراطية" هي التي ستأتي بالإسلاميين إلى السلطة، فلم لا؟ وإن كان الناس هم الذين يتعطشون لهذا الخيار، فلم لا؟
o      إختلف العديد في تسمية الإنتفاضات العربية، هل كانت ربيعاً للعرب أم خريفاً عليهم؟ ولا بد هنا من التمييز بين أسباب إندلاع هذه الإنتفاضات من جهة ومدى التحايل عليها ومحاولات إجهاضها من جهة أخرى. أسباب الإندلاع كانت تتمركز في حالة السخط والحقد الذي تراكم على صدور الطبقات المفقرة في العالم العربي، والشعوب العربية أشارت بإصبعها إلى أساس المشكلة: النظام السياسي، أن يتم إسقاطه تماماً دون الدخول في أوهام الإصلاح وغيره. هذه الانطلاقة كانت صادقة، عفوية ومعبرة، إفتقرت إلى بعض الأساسيات في التنظيم نظراً لغياب هذه الخبرة عن الشارع العربي فترة طويلة من جهة، ونظراً لضعف التنظيمات القائمة التي إحتوتها السلطة لسنوات طويلة من جهة أخرى. وبالتالي كانت ردة الفعل للرأسمالية العالمية واضحة، وهي الحفاظ على النظام بطريقة حركته، حتى ولو سقطت مسمياته، ولم يغب عن ذهن الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الإستعمارية، والمؤسسات المالية الكبرى أن الاسلاميين يشكلون بديلاً موضوعياً ومريحاً، لماذا؟
o      ما قد يزعج الرأسمالية العالمية في تولي أي تيار بديل للسلطة، إما أن يكون تياراً مقاوماً للكيان الصهيوني، على شاكلة حزب الله في لبنان، حتى ولو كان لا يمتلك مشروعاً تحررياً كاملاً للإنسان العربي، يضم السياسي والإجتماعي في حزمة واحدة. أو أن يكون تياراً ذا توجه إقتصادي مختلف، كأن يتبنى التأميم، أو منع الاحتكارات و محاصرة الاستثمار الأجنبي لصالح الشعب، كما حصل إلى حد ما في تجربة هوغو شافيز وبعض دول أمريكا الجنوبية.
o      التيارات الإسلامية المتربصة للسلطة في العالم العربي، والتي تحمل تاريخاً طويلاً تحت عنوان الإسلام السياسي، لا ينطبق عليها أياً من الشرطين السابقين، بمعنى أنها ليست تيارات مقاومة،ليست على شاكلة حزب الله، بل على العكس هي تعلن بكل وضوح عدم دخولها في أي معركة تناحرية ضد الكيان الضهيوني، وبذلك هي تتقرب أكثر وأكثر من الولايات المتحدة الأمريكية ومنظومة الإستعمار الجديد، وفي ذات الوقت تحاول إيجاد مبرر يتم تمريره في الأوساط الشعبية، أنها تيارات مسؤولة و متوازنة وعقلانية وغير متهورة وحريصة على حياة شعوبها في أمان. هذا هو توجه التيار الإسلامي في تونس، وهو ذاته في ليبيا ومصر كذلك. فمن الطبيعي إذن أن لا تكون هناك مشكلة سياسية لدى المشروع الصهيوأمريكي مع هذا الخيار.
o      هذه التيارات لا تمتلك برنامجاً إقتصادياً خاصاً بها يمكن تمييزه عن الأنظمة الإقتصادية التي تتبناها الأنظمة الحالية، بمعنى أن خيار التأميم ولعب الدور المركزي للدولة في الإقتصاد هو خيار غير مطروح، وكذلك الحال بالنسبة لتقييد الإستثمار الأجنبي، أو فرض شروط وطنية قاسية عليه، أو إتخاذ موقف جديد ومعاد للمؤسسات الدولة الكبرى مثل صندوق النقد الدولي والبنك والدولي، أو إفساح المجال لتحالفات إقتصادية جديدة بمعزل عن الخيار الأمريكي، أو البدء بمشروع صناعي تقني حقيقي ينهي حالة التسول التي تعيشها الشعوب العربية. بمعنى أن الإسلاميين يحملون بالحد الأقصى برنامجاً إجتماعياً مفصولاً ومعزولاً عن محتوى الصراع الطبقي، وهذا البرنامج الإجتماعي يتمظهر في شكليات لها علاقة بتطبيق الشريعة الإسلامية وبمنحى دعائي.
o      خيار الإسلام السياسي معاد في بنيته للإبداع الفني و الموسيقي والمسرحي، هو عدو له، وهذا جزء من دعايته للناس الرافضين داخلياً لذلك. وهنا يجب أن نمايز بين دفاعنا عن الفن الإنساني الحقيقي، وفنون الهستيريا الليبرالية الطابع.
الخيار الاسلامي هو إبرة المورفين عالية الجرعة للثورات العربية، والأمريكان يعون ذلك جيداً، طوال السنوات الماضية وضع الإسلاميون أنفسهم صورياً في موقع المعارضة، وإستخدموا الدين كماكينو تحشيدية لهم، لذلك ليس من الغريب أن تتجه السيكولوجيا الجمعية للناس صوبهم كخيار بديل، وأن يروا فيهم خيارهم. ولذلك المطلوب أمريكياً في المشهد القادم أن يستلم الإسلاميون السلطة، ولا يتغير شيء على البنى الإقتصادية، ولا يأخذ الصراع مع الكيان الصهيوني منحىَ تناحرياَ، القليل من الكلاشيهات الإجتماعية بنكهة دينية ليضمن تأثير المخدر، أن الثورة قد نجحت، والتغيير قد إبتدأ.
ما نقوله هنا، أن الانتفاضات إنطلقت من واقع الفقر والحرمان، لا نريد جولة جديدة من الخداع والتخدير، هذا هو بالضبط الدور الراهن للاسلاميين الذي علينا جميعاً أن نعي خطره في إجهاض المشروع التغييري في رمته.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق