السبت، 24 سبتمبر 2011

الثورات العربية: جيم رلدس وعمر توريخوس



لمن إطلع على اعترافات القاتل الإقتصادي جون بيركنز، لا بد له أن تعرض لاسمين: عمر توريخوس قائد بنما  ،والأكوادوري رلدس.

قامت حقبة القتل الإقتصادي التي تحدث عنها الكاتب على عدة أساسيات منها:

·  إجبار الدول التي تمتلك الكثير من الموارد الطبيعية على الإقتراض إلى الحد الذي تصبح معه عاجزة عن السداد، ويعود الإقتصاد إلى صيغته الأساسية من إقتصاد النقد إلى إقتصاد الموارد، وتضطر هذه الدول للسداد من خلال التضحية بمواردها الطبيعية.

·   يرافق القتل الإقتصادي وتهميش إقتصادات هذه الدول أشكال القتل الإجتماعي كذلك: معاهد لغات، دورات تدريبية على مقياس الإحتكارات، محاولات الظهور بهيئة الدولة المتطورة المتجولة في أنحاء العالم لتطوير الشعوب الأخرى وإسعادها.

·       تقوم المنظومة على أربعة عناصر أساسية: سلطة الشركات، والسلطة العسكرية الإمبراطورية العالمية، والمؤسسات المالية ، والحكومات المتواطئة في دول الأطراف.

في هذه الحقبة، عرضت إدارة الأكوادوري رلدس قانون الهايدروكربون الجديد، وكان هذا القانون مناوئاً لمصالح شركات النفط العاليمة في الأكوادور، ومنحازاً لمصلحة الشعب الأكوادوري، الأمر الذي حرك هذه الشركات ومعاونيها السياسيين للدفاع عن مصالحهم المشتركة ومواجهة جيم رلدس.

ثبت رلدس عند موقفه وواجه هذه المنظومة العاتية بشقيها الإقتصادي والإجتماعي، فقد ألحق بقانون الهايدروكربون أمراً بإغلاق معهد اللغات الصيفي المدار خارجياً، كل ذلك كان كافياً لأن تدبر وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية مؤامرة لإحراق طائرته وتحطيمها ليموت رلدس في 24 أيار عام 1981.

في بنما، كانت تطل صور عمر توريخوس معنونة ب " مثال عمر هو الحرية، ما من صاروخ يستطيع قتل المثل". كانت قناة بنما هي المعركة الأساسية التي خاضها هذا الرجل، كما عاند القروض لصالح مشاهد "الحداثة"على حساب الفقراء المظلومين.

في تأبين رلدس، وصفه عمر توريخوس بـــــ"الأخ"، واعترف بكوابيس تلازمه، يرى فيها موته بطريقة مشابهة، يرى فيها نفسه يسقط من السماء في كرة ملتهبة.

 نعم، لقد كانت نبوءته صحيحة، ومات هو الآخر بسيناريو مشابه في 31 تموز 1981 وعلى نفس الأيدي.

بعد توريخوس، واجه البنميون الحقبة الريغانية المتعطشة للاستيلاء على القناة بالكامل، وطرح على بساط البحث إنشاء قناة بالتعاون مع اليابان، فما كان من الولايات المتحدة إلى أن غزت بنما عام 1989، وقصفتها بشدة، ومنعت الصحافة والصليب الأحمر والمراقبين الخارجيين من الوصول إلى مواقع القصف.

ما زالت الإمبريالية تستخدم الأساليب ذاتها، القتل الإقتصادي، مرافقاً للقتل الثقافي والإجتماعي من خلال المنظمات الدولية في المدارس والجامعات وباقي مكونات المجتمع، ومازالت تعسكر لمصالحها براً وبحراً وجواً، تارةً باسم الحرية، وتارة باسم الديمقراطية.

بين توريخوس والثورات العربية اليوم، لا بد من الإنتباه للتدخل الخارجي بعين فائقة الحذر والإنتباه والتأهب للمواجهة:

·       إن التدخل الأجنبي الإمبريالي في المنطقة العربية  ولا سيما في عصر الثورات العربية عامل ليس ثانوي أبداً، ولا يجوز النظر إليه على أنه إشكالية بسيطة قد تحل لاحقاً. إن مبرر هذا التدخل هو تثبيت الصيغة التي رفضها يوماً ما الوطني توريخوس ونظيره رلدس.

·         لقد هاجمت أمريكا بنما دون حتى أن تروج مبرراً، فعند الأزمات لا مانع من الإنحياز للتعبيرات الصحيحة الفجة على حساب التعبيرات الزائفة الملتوية المنمقة. من يقل اليوم إن مواجهة التدخل الأجنبي هو إصطفاف إلى جانب الأنظمة إنما يحاول قلب الصورة، فمن يخفف من أهمية هذا العامل إنما هو مصطف إلى جانب القلتة الإقتصاديين والإجتماعيين.

·         "إن سلوك الأنظمة هو من جلب التدخل الخارجي للمنطقة"، لتعبير إنشائي ساذج !! فكما أن بنما تعد مثالاً على "التدخل دون مبرر"، فالبحرين واليمن تعد اليوم مثالاً على "غياب" التدخل "المبرر" كما يراه هؤلاء.

·         إن معركة الشعوب العربية اليوم ليست معركة حرية بطبعتها الليبرالية، هي معركة نهوض بهذا المجموع وفك الإرتباط التبعي مع المراكز، كيف؟ هذه هي المهمة البحثية والعملية الكبرى، وفي سياقها لا بد من دراسة التغييرات في البنى السياسية العربية أولاً بأول.

·         يتكشف زيف الديمقراطية الأمريكية على مشاهد قصف بنما كما على مشاهد إعتقال ناشطي وول ستريت، صيغوا ديمقراطيتكم أنتم التي لن تليق أبداً بالديمقراطية الأمريكية!

·         خسر الوطنيان توريخوس ورلدس معركتيهما، واليوم عولمة الاحتكار والصراع تتطلب عولمة مقابلة للمواجهة، ومن هذه المنطقة العربية نبدأ ونستفيد من الدرس.

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق