الجمعة، 9 ديسمبر 2011

الحرب الثقافية الباردة: البارحة وكذلك اليوم

بعد معركة بيرل هاربر بدأت أمريكا تبحث عن خيار يحمي مصالحها، ويدرس الأخطار قبل وقوعها "Risk_management"، وعلى كل حال، كم هو شبيه منطق عمل الشركات العالمية الكبرى بذلك النشاط السياسي، نعم إنها إدارة المخاطر "Risk_Management" التي يسمع بها عاملو القطاع الخاص ربما في كل مكان: الشركات التكنولوجية، البنوك، مؤسسات التمويل، شركات العمارة،...إلخ.
بعد هذه المعركة، إستدعت الولايات المتحدة الأمريكية العديد من أبناء الطبقة "الأرستقراطية"، لتلعب دوراً جديداً، يختلف في مضمونه عن عمل الجستابو الألماني واللجان السرية الأمريكية في زمن الحرب العالمية الثانية. هذه المرة الهدف هو الهجوم على ثقافة الشعوب ومحاولة تسيير الوعي الجمعي ليقبل الرأسمالية ويرفض الشيوعية، ومن ذلك ما يلي:
·       أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية عام 1948 برنامج النقطة الرابعة، وأهدافه المعلنة كالتالي:
§       التأييد المطلق للأمم المتحدة.
§       كسب الشعوب بالعمل على الإصلاح الإقتصادي.
§       تقوية الأمم التي تعادي الكتلة الشبوعية.
§       تقديم المعونات لتحسين أحوال مختلف بلدان العالم.
وكان هذا الإقتراح يصب في خانة " يد تقدم الخبز ويد تقدم ثقافة دولة الخبز"
· في الوقت الذي إفتتح فيه السوفييت بيتاً للثقافة في برلين سارعت أمريكا لعمل عروض سينمائية وموسيقية حتى من فرق زنجية لدحض فكرة التمييز ضد الزنوج في أمريكا.
·في عام 1947قرر الكومينفورم السوفيتي من باب محاولة التأثير في الرأي العام الأمريكي عمل فعالية ثقافية في نيويورك، وكانت ردة الفعل الأمريكية هي الزج بشيوعيين "تائبين" وملاحقة الوجوه المشهورة مثل شارلي شابلن و مارلون براندو. وعلى كل حال، في الثورة الفرنسية كان المشتبه بهم يساقوا إلى المقصلة، أما في أمريكا فإن كل من كان يشك في شيوعيته تتم محاصرته إلى الحد الذي يفكر معه في الإنتحار.الولايات المتحدة التي لم توقف تنظيرها أبداً فيما يتعلق بحقوق الأفراد، فإنها أكثر من مارس محاربة هذه الحقوق، ومن ذلك مطاردة مكتب التحقيقات الفيدرالية للروائي العالمي آرنست همنجوي، الذي أصيب بحالة إكتئاب ألزمته الذهاب إلى الطبيب النفسي والذي إتصل بدوره بمكتب التحقيقات الفيدرالية لإخبارهم بأمر مراجعة همنجوي!!
·منع عرض "يوليوس قيصر"  و"الجثة الحية" في نيويورك.
وحتى لا يكون هذا التوصيف خالياً من مقاربات الواقع، لنأخذ مؤسسة فورد على سبيل المثال، إذا قمت بزيارة موقع هذه المؤسسة ستجد زوايا عديدة لعمل هذه المؤسسة على الصعيدين السياسي والإجتماعي:
§       العمل على زيادة المشاركة في الإنتخابات.
§       العمل على إنتاج حكومات شفافة وفعالة.
§       دعم المجتمع المدني.
§       بناء الأمان الإقتصادي طيلة العمر.
§       تطوير عملية دخول الجامعات.
§       حرية التعبير.
§       دعم حقوق الإنسان.
§       دعم حقوق المرأة.
لنلقي نظرة بسيطة على معطيات هذه المؤسسة، لنقوم بعد ذلك لمقاربة الفلسفي والواقعي:
§ مؤسسة خاصة مقرها الرئيسي في نيويورك، تأسست على يد هنري وإدسل فورد عام 1936.
§ أصول هذه المؤسسة تبلغ 13.7 بليون دولار.
§إستثمرت هذه المؤسسة في الحرب العالمية الثانية على أن يأتي المردود لاحقاً وعلى شكل مشاريع طويلة الأمد.
§ كانت هذه المؤسسة من الجهات الحاضرة والمشاركة بقوة في مشروع مارشال.
§أدت لقاءاتبيسيل، رئيس مؤسسة فورد عام 1952، مع دولز، رئيس جهاز الإستخبارات الأمريكية، إلى أن يصبح الأول مستشاراً خاصاً للثاني عام 1954.
§دعمت فورد إصدار العديد من المجلات في أوروبا، وحسب بيسيل، لم يكن الهدف هو هزيمة اليساريين نظرياً فيما يتعلق بالجدل، بل كان جذب أكبر عدد ممكن منهم لتغيير مواقفهم.
§رئيس فورد عام1954عمل سابقاً سكرتيراً عاماً لشؤوون الحرب،ومستثمراً كبيراً في ألمانيا الغربية، ومحامياً لشركات النفط الكبرى في وول ستريت، وفي عهده تم تخصيص وحدة في المؤسسة للتواصل مع وكالة الإستخبارات.
هنا لا بد من الإنتباه للملاحظات التالية:
§مؤسسة فورد وتلك الشبيهة بها هي الغطاء الأنسب لوكالة الإستخبارات الأمريكية للتأثير على الشباب ونقابات العمال والجامعات ودور النشر وكل المؤسسات التي قد تلعب دوراً نهضوياً وعلمياً حقيقياً.
§لقد كانت فورد ومازالت في طليعة جيش الحرب الثقافية الباردة، ولا مكان لأنصاف المواقف مع مثل هذه المؤسسات، كأن يقال من الممكن محاربتها في المؤسسات المدنية ولكن ليس في الأهلية!
§لا يمكن النظر لفورد وسواها على أنها مؤسسات خاصة غير حكومية وتنتقد السياسة الأمريكية، فلذلك ليس من الخطأ التعامل معها!
هذه معركة إقتصادية وإجتماعية وثقافية مفتوحة بالكامل لمواجهة الإمبريالية بمختلف أدواتها...


هناك تعليق واحد:

  1. والمعركة مازلت مستمرة يحاولون تقسيم الدول الى دويلات صغيرة لم يكفيهم الاستعمار وتقسيم الاوطان الى دول جماهيرية او امارة او مملكة بل الى ولايات صغيرة
    وعلى كل حال ..... يسلموا مقال رائع يارفيق كنت اتوقع انه قوي عندما اخبرتني عنه
    وها هو يوضح معنى جرائم الامبريالية
    اتمنى لك التوفيق

    ردحذف